من طرف بروق العين الثلاثاء 16 ديسمبر 2008, 4:14 pm
كيف نساعدالاطفال على تقوية الذاكرة والتذكر؟
الاحتفاظ بالخبرة الماضية شرط من شروط التكيف.والاشياء والمواقف و الحوادث التي يواجههاالانسان لاتزول صورها بمجرد انقضائهاوغيابها، بل تترك آثارا يحتفظ بها ويطلقعليها اسم (ذكريات). وان التلميذ الذي يشاهدتجربة اجراها المعلم أمامه واطلع على نتيجتهايحتفظ بهذه الخبرة ويستطيع ان يستعيدها حين يسأله المعلم عنها.
فان استعادة الخبرات السابقة التي تمربالانسان عبارة عن نشاط نفسي يسمى التذكر.وطبيعي ان يسبق التذكر عمله تثبيت الخبرةليتم الاحتفاظ بها واستعادتها. ولذلك فانالتثبيت (أو الحفظ) والتذكر لاينفصلان.
ويعتبر النمو العقلي للطفل مهمة القائمين على تربيته فمعرفة خصائصه ومظاهرة تفيد الى حد بعيد في تعلم الطفل واختيار اكثر الظروف ملائمة للوصول بقدراته واستعداداته الى اقصى حد ممكن. ومع الاستعداد للعام الدراسي الجديد من الاهمية بمكان ان نعرف أكثر عن ركن من أهم اركان المذاكرة وهو التذكر.
التذكر والنسيان
ويعتبر التذكر والنسيان وجهين لوظيفة واحدةفالتذكر هو الخبرة السابقة مع قدرة الشخص فيلحظته الراهنة على استخدامها. اما النسيان فهو الخبرة السابقة مع عجز الشخص في اللحظةالراهنة عن استعادتها واستخدامها.
والذاكرة كغيرها من الفعاليات العقلية تنمووتتطور، وتتصف ذاكرة الطفل في السادسة بانهاآلية. معنى ذلك ان تذكر الطفل لا يعتمد على فهمالمعنى وانما على التقيد بحرفية الكلمات.وتتطور ذاكرة الطفل نحو الذاكرة المعنوية (العقلية)التي تعتمد على الفهم.
ان التذكر المعنوي لايتقيد بالكلمات وانمابالمعنى والفكرة، وبفضله يزداد حجم مادةالتذكر ليصل الى 5 ـ 8 اصناف. كما ان الرسوخيزداد وكذلك الدقة في الاسترجاع. ويساعد على نمو الذاكرة المعنوية نضج الطفل العقلي وقدرته على ادراك العلاقة بين عناصر الخبرةوتنظيمها وفهمها.
يتطور التذكر من الشكل العضوي الى الارادي. ان الطفل في بداية المرحلة يعجز عن استدعاءالذكريات بصورة ارادية وتوجيهها والسيطرةعليها ويبدو هذا واضحا في اجابته على الاسئلةالمطروحة عليه اذ نجده يسترجع فيضا منالخبرات التي لاترتبط بالسؤال. وتدريجيا يصبح قادرا في اواخر المرحلة على التذكر الارادي القائم على استدعاء الذكريات المناسبة للظروف الراهنة واصطفاء مايناسب الموقف.
ذاكرة الطفل
وذاكرة الطفل ذات طبيعة حسية مشخصة فيالبداية.. فهو يتذكر الخبرات التي تعطى لهبصورة مشخصة ومحسوسة وعلى شكل اشياء واقعيةفلو عرضنا امام الطفل اشياء وصورا مشخصةوكلمات مجردة، وطلبنا منه بعد عرضها مباشرةان يذكر ماحفظه منها، لوجدناه يذكر الاشياءوالصور والاسماء المشخصة اكثر من تذكرهللاعداد والكلمات المجردة ولهذا السببيستطيع طفل المدرسة الابتدائية (لاسيماالسنوات الاربع الاول) الاحتفاظ بالخبراتالتي اكتسبها عن طريق الحواس.
ولذلك ينصح باعتماد طرق التدريس في تلك الصفوف بوجه خاص على استخدام الوسائل الحسية والممارسة العملية المشخصة للوصول الى خبراتواضحة اكثر ثباتا في الذهن. ويظل تذكر المادةالمحسوسة مسيطرا خلال المرحلة الابتدائية باكملها ولايزداد مردود تذكر الكلمات التيتحمل معنى مجردا الا في المرحلة المتوسطة.
المفاهيم المحسوسة والمجردة
ان اكتساب الطفل للمفاهيم بمافيها المفاهيم المجردة ونمو التفكير والقدرة على ادراك العلاقات والفهم ينمي لديه وبشكل واضحامكانية تذكر المادة الكلامية. كما يزدادمردود الذاكرة ويطول المدى الزمني للتذكر. انطفل السابعة يستطيع ان يحفظ مثلا 10 ابيات منالشعر وابن التاسعة 13 بيتا ويصل العدد الىسبعة عشر بيتا في الحادية عشرة.
العوامل المساعدة على ترسيخ المعلومات
ان معرفتنا بها تساعدنا في تحسين طرائق الحفظوالتذكر وبالتالي التقليل من حدوث النسيانومساعدة الطفل في نشاطه المدرسي التعليمي.أهم هذه العوامل:
ـ الفهم والتنظيم: تدل التجارب حول الحفظوالنسيان ان نسبة النسيان تكون كبيرة فيالمواد التي لانفهمها أو التي تم حفظها بشكلحرفي. لذلك فان الذاكرة المعنوية التي تعتمدفي الحفظ على الفهم اثبت من الذاكرة الآليةالتي تتقيد بحرفية المادة وتعتمد في التثبيتعلى التكرار. ان ادراك العلاقات يلعب دورامهما في التثبيت لذلك فان الطفل يحفظ الامورالمعللة اكثر من غيرها.
ويساعد التنظيم والربط بين اجزاء المادةوعناصرها على جعلها وحدة متماسكة ويزيد منامكانية تذكرها وحفظها ويمكن ان يتم الربطبينها وبين الخبرات السابقة وبذلك يتم للطفلادخالها منظومة معلوماته. وهكذا يربط التلميذبين الجمع والضرب (الضرب اختصار الجمع) وبينالضرب والقسمة حيث ان (35 مقسومة على 7) عمليةضرب من نوع آخر.
وفي مادة الجغرافيا يربط بين الموقع والمناخوالمياه وبين هذه كلها والنشاط البشري. بشكلعام ان الذاكرة القائمة على فهم الافكاروتنظيمها أقل تعرضا للنسيان من الذاكرةالآلية القائمة على التكرار البحت.
وضوح الادراك
ان الادراك الواضح لموضوع مايساعد على تثبيتهوتسهم في الوضوح عوامل متعددة منها اشراكالحواس لاسيما حاستي السمع والبصر. من هنا اتتاهمية الوسائل الحسية لتلاميذ المرحلةالابتدائية. يلعب الانتباه دورا في تعميقالادراك وتوضيحه كما يسيء للفهم ان الادراكالعرضي المشتت لايصل بالتلميذ الى الخبرةالمعطاة واثارة الاهتمام بها والعنايةبعرضها بشكل يجذبه.
العامل الانفعالي
ان الطفل يتذكر ماهو ممتع بالنسبة له بصورةافضل ولمدة اطول كما يستخدمه في نشاطه. ولهذاينصح عادة باثارة الدافع للتعلم لدى الطفلحين يراد له تعلم خبرة ما. ان وجود الدافع يجعلاكتسابه للخبرة مصدرا لانفعال سار ناتج عناشباعه. واستنادا الى هذا العامل الانفعاليتعطي طرق التعليم الان اهمية كبيرة لدورالتعزيز في تقدم التعلم. يعتبر الخوف والقلقمن الانفعالات التي تعيق الادراك والانتباهوتشوشهما وبالتالي فانها تعيق التثبيتوالتذكر.
الزمن بين التخزين والتذكر
كلما كان هذا المدى قصيرا كان التذكر أقوىوأوضح. فالطفل ينسى معلوماته القديمة (باستثناءالخبرات المصحوبة بشحنة انفعالية قوية) اكثرمن الخبرات الجديدة. ولكن استخدام المعلوماتالقديمة في مواقف متكررة ينفي عنها صفة القدمويجعلها سهلة التذكر. كما ان الحفظ القائم علىالفهم وادراك العلاقات يضمن تثبيتا طويلالاجل
الذكاء
ان تأثير الذكاء يتجلى في قدرة الطفل الذكيعلى فهم المعنى والتنظيم والادراك الواضحوالربط بالمعلومات السابقة، وهذه كلها عواملتسهم في التثبيت والحفظ والشخص الذكي يأنف منالذاكرة الالية ولايقبل على حفظ أي شيءلايفهمه. ان تعليم الاطفال الاساليب المجديةفي الحفظ يساعد الى حد كبير على تحقيق نتائججيدة في تذكر معلوماتهم وقد تثبت جدوى هذهالاساليب حيث تعتمد على الفهم والتنظيملمحتوى المادة المدروسة ومن أهم الاساليب:
ـ اذا كانت مادة الحفظ نصا أو موضوعا فان افضلطريقة للحفظ هي وضع خطة للنص أو الموضوعوابراز الفكرة الرئيسية والافكار الفرعيةوجمع المعطيات في تصنيفات ومجموعات مع اختيارتسمية أو عنوان للمجموعة ثم الوقوف علىالعلاقات الجوهرية بين المجموعات والربط بين اجزاء الموضوع.
ـ استخدام الرسوم والمخططات والرسومالهندسية والصور القائمة على اساس الشرحالكلامي.
ـ استخدام المادة الواجب حفظها في حل مسائلتتعلق بها ومن شتى الانواع.
ـ التكرار ويعتبر طريقة مناسبة للحفظ اذاتوفرت بعض الشروط التي تبعد الحفظ الآلي. لذلكلابد من الاستخدام العقلاني للتكرار ويكونبمراعاة الامور التالية: توزيع المراجعاتبحيث تفصل بين تكرار وآخر فترة من الراحة (الفاصليجب ان يكون مناسبا يسمح بالراحة ولايكونطويلا يؤدي الى اضاعة آثار المرة السابقة) هذاالتكرار الموزع افضل من التكرار المتلاحق.والفاصل يمنح راحة تقضي على عاملي التعبوالملل اللذين يشتتان الانتباه.
ويعتبر النوم فترة راحة مثالية لان النوم خالتماما من الفعاليات المقحمة التي يواجههاالانسان في يقظته، ويفضل ان تقرأ المادة قبلالنوم مرة واحدة ثم تعاد قراءتها مرة ثانية فيالصباح فهذا اجدى من قراءتها عدة مرات تتخللها نشاطات مقحمة ويزيد التأثير السلبيللفعاليات المقحمة كلما كان التشابه كبيرابينها وبين المعلوات الاصلية المراد حفظهافحفظ درس في اللغة العربية يعرقله درس يليه باللغة الانجليزية مثلا. ويقل التأثير السلبي كلما كانت الفعاليات السابقة واللاحقةمختلفة.
ـ اذا كانت المادة المطلوب حفظها محدودةالمحتوى وذات وحدة (مثلا ابيات قليلة يمثلمضمونها حدثا واحدا) فان الطريقة الجزئيةالكلية هي الافضل في التكرار ويقصد بها تكرارالمادة كلها في كل مرة اما اذا كانت المادةطويلة (قصيدة طويلة) أو موضوعا متشعب الجوانبفيفضل الطريقة الجزئية القائمة على تقسيمالقصيدة الى اجزاء ويشترط ان يكون لكل جزءوحده او فكرة رئيسية.
ـ لايجوز ان يكون التكرار آليا بل مصحوب بنشاط عقلي يتمثل في الانتباه والفهم وربط الاجزاءفي تنظيم عقلي يبرز تسلسل الافكار وترابطهاكما يربطها بالخبرات السابقة